الثلاثاء، 25 مايو 2010

صورة

صورة

     كانت حاضرة عيناها تشعان نورا يفيض على مساء أثقله رذاذ الطل في كل  الأنحاء . تجذب اهتمام الحضور كأنها مركز لحدث . حركاتها انثنائات جسدها التصق به قميص توشى بكل الألوان  فبدت كأنها لا تخاصم أي منها   .  شعرها الليل ينسدل برفق على جنبات وجهها كجدائل حرير سوداء لها نهايات ذهبية .اكسبها جاذبية أخرى . شفت ضحكة عادية عن بياض ناصع لصفين من اللؤلؤ  أحاطتهما شبه دائرة حمراء أضافت عليها اتزانا ورصانة كأنها تطل على عوالم لم يكتشفها احد بعد . هبت ريح خارج المكان لتحرك الإطار ويتغير وضع الصورة ,

                                                                    

                                                               محمود ابو اسعد

                                                                   فلسطين

أحلام بيضاء


أحلام بيضاء
كانت عشقها الاول ، فراشة طاردتها على سفوح طفولتها البريئة ، حاولت إغواءها ، لكنها فضلت التنقل الحر على زهرات الاقحوان البري ، وعلى شجيرات الصبار التي اخذت شكل جدار على حدبة الجبل امتدت بين حواكير وكروم اللوز .
الى ان لطمت الحاجة هادية حد صخرة في باب مغارة على سفح الجبل ، قبل ان تستقر في مدن الغربة لتجد نفسها في ازقة طويلة تطفح بسيول اسنة لا تجف بعد ان جفت أحلامها البيضاء .

اغفاءه

لا تخلو ليلة واحدة من قصة غريبة تستر الواقع الاليم ، لتبحر في اجواء عالم ليس كعالمنا ،تسردها الحاجة هادية قبل النوم ليبقى طوال الليل يتقلب على فراشه وخيالات الحاجة التي رسمتها تنتصب له كمارد ، بعد ان نجحت في سرقة اغفاءة لترتاح من اسئلته التي لا تنضب .


سمراء
كما الاغنية على غيم فسيح تطارد الجدائل ونوافذ القمر ، قبل ان يكبر عشق الاولاد وينضج القمر الذي يأتي اشهى من خطوة أولى على دنيا المحبة والعذاب قبل ميلاد الغسق .
قبل ان تكون التنهدات لغة للشفاه ، وقبل ان تحقن الحاجة هادية الاولاد بالحب البريء لهذه السمراء التي تفيض جوانحها بالحنان وطيب
محمود ابو اسعد
قلسطين


امراة

 

 

إمراة

 

         تتحدث يومياً عن المساواة،وتظلّ تقرع أبواب الرّجل إلى أن تقع في حباله فتغيّر سياق الكلام ،وتبحث من جديد عن التّكامل بينهما،وكيفية بناء بيت مثالي تتحقق فيه الامنيات ، وعند أول عراك على طاولة الطّعام،ترجع من جديد إلى مساوئ المجتمع الذّكوري الذي يرجعها دائما الى المطبخ، ولا تستمع الى كلام الحاجة هادية التي تقول"اللي بيرضى بيعيش".

 

حب

 

          ترسمه بريقاً في خيالها ،وتحلم ببيت صغير على شفا  هضبة يمرّ بجوارها جدول يجفّ بعد سقوط المطر ، .بينما يخضرّ قلبها مع كل أغنية عاطفيّة تلامس أذنها عبر المذياع،ولا تسمع طرقات الباب من الحاجة هادية التي تنادي:"اللي ماخد عقلك يتهنى بو" ليعقب الكلام لطمة خفيفة على خديها وتحاول أن تغمض عينها عما يجري..

 

 

محمود ابو اسعد

فلسطين

الكتاب القديم

الكتاب القديم

        جلس في بهو المنزل ممدا جسده الضخم على الفراش، تناول الفنجان وسكب قليلا من القهوة ، ارتشفها مصدرا صوتا كقعقعة الماء في جرة نرجيلة ،في حركة تنم عن الارتياح .
     جاء إليه صوت فاطمة من الخارج معلنا وصول ضيوف إلى المنزل ، اعتدل في الجلسة وعلا صوته مرحبا بالقادمين .

     جلس الرجال وتداولوا الحديث فيما بينهم ، تحركت في أيديهم قطع نقدية قديمة ،تراكمت عليها الأتربة ، وعلق بها الصدأ مما غير في معالمها .

      نادى ابو نايف على الحاجة فاطمة لتحضر له الكتاب القديم ذو الجلد الأخضر  من الرف ، تبادل الضيوف النظرات ، قلب ابو نايف الكتاب ممعنا النظر فيه وصاح من جديد  :

    - هذا ليس الكتاب القديم يا أم نايف .

      جاء صوت ام نايف على استحياء من الخارج  :

    - لا يوجد غيره في الرف يا ابو نايف .

         أجابت بتودد.

-   ابحثي  عنه جيدا فهذا الذي جلبته ليس سوى كتاب قرآن ، أنا اعرفة جيدا يا امرأة بالرغم إنني لا أجيد القراءة ، فالكتاب القديم يحتوي على رسوم المسكوكات الأثرية .

أجابه أحد الضيوف:

-        والله يا ابو نايف  لو بقيت على هذا الكتاب خير لك وأبقى من الكتاب القديم .

أجابه ابو نايف :

-        الكتاب القديم يا رجل سبب رزقي وسعة حالي .

  في تلك الأثناء  سمع  صرير الدواليب وحركة الأدراج في الغرفة المجاورة .

     صوت فاطمة   يخاطب ابو نايف بتودد بعد ان أنهكها  البحث بلا فائدة :

-        يا ابو نايف لقد بحثت عنه في كل أرجاء البيت ولم أجد له أثرا .

تبادل الضيوف النظرات من جديد ، عندما هم أبو نايف للبحث عن الكتاب الأخضر القديم وهمس أحدهم للأخر :

-   لقد انطلت حيلتك عليه يا رجل ، فهذا العجوز الخرف لا يعرف من الكتاب غير جلده  ،وأنت نجحت في تبديله في المرة الماضية بالمصحف ذو الجلد الأخضر .

على صوت ابو نايف بالسباب والشتائم على كل شيء ، فهذه الصفقة سوف تذب سدى بسبب ضياع الكتاب .

    هم الرجال مستأذنين بالانصراف وأبو نايف يحاول جاهدا إقناعهم بالمكوث ريثما يجد الكتاب.

 

                   تمــــــت

 

محمود ابو اسعد

فلسطين

الحقيقة

  الحقيقة

 

          غرفة الانتظار تزدحم بشكل غير عادي، في حين كنا ننظر على أحر من الجمر لنعرف ماذا سيقولون عن حالة المريض، يأتي الاطباء بعد طول انتظار ليحتجبوا في مكتبهم لبعض الوقت، وعند خروجهم رفضوا الحديث ، وابتعدو عنا ربما كنا نعطيهم الحق لو كانوا يعرفون الحقيقة  ، او لو اعترفوا على الاقل انهم لا يعرفونها ، لكنا احترمنا موقفهم وشجاعتهم أما ان يدعوا معرفة الحقيقة فهذا   ما لا يمكن بأي حال من الاحوال الا ان نسميه غرورا وادعاء ، ونقول إن في الأمر فضلاً لأحد الحكماء البسطاء فلو ذهبنا الى ما ذهب اليه الاطباء لقادوا المريض الى موت محقق .

         جرى كل ذلك امام أعيننا هذا  المريض يسجى لمعرفة علته كاد يموت بين حشد من الاطباء يبحثون عن العلة في كل أرجاء جسده المنهك ، وهو يفقد الامل في النجاة امام اعينهم ، ليس هذا فحسب بل امعنوا في الابتعاد عن السبب الحقيقي لمرضه وراحوا يفكرون في اجراء جراحة له لانهم رأوا  ضرورة لحل المشكلة توهما ولا ندري اذا كان أحدهم رأى ذلك في المنام في الصور الطبقية ، الا ان حكمة وعقلانية هذا البسيط  هي ما أنقذت  المريض وقال انه لا داعي للجراحة ، قالها بثقة عالية حيرت    عقول الاطباء وقللت من شأن غرورهم ،انه لا يحتاج الا الى ثقته بنفسه وبقدرة الله على على شفائة ، وبعض الاعشاب ودعاء امه العجوز ، فرح الجميع فرحا عظيما أقيمت فيه الولائم وذبحت الضحايا وفاء لنذور الاهل والمحبين  .

 

 

محمود ابو اسعد

فلسطين

 

افكار سوداء

                         

أفكار سوداء

 

                 صعد وعائلة  أكمة قريبة من البيت، الأرض بساط سحري أخضر، أخصبها موسم المطر الغزير هذا العام ، انتشر عطر الأزهار البرية ونباتات الميرمية التي نبتت بين شقوق الصخور وعلى حواف الأشجار والعرائش البرية الأولاد يمارسون شقاوتهم تحت العرائش والأشجار الباسقة 0

      تمازجت أصوات حفيف الأشجار مع حركة الريح الخفيفة وتغريد وزقزقة الدوري في حين راحت زوجته في تحضير الشواء  

         

                اضطجع على فرشة الإعشاب فسيطرت عليه رغبة قوية للنوم لم يقو على مقاومتها وعيناه مثبتتان في سماء الأشجار المتعانقة   

        

                تراءى له كلاب ضالة تنهش بطن حصان ميت وفرس تئن من الألم بعدما اقتلع حافرها ورجال غريبو الوجوه يتقدمون في ساحة يعتلون خيولا جهنمية يطحن تحت أقدامها الضخمة جثثا متناثرة وفي احد زوايا الساحة أحد الجرحى يئن فيتقدم منه فارس أعور ويهشم رأسه بدبوس ثقيل، وفي مكان غير بعيد ينصرف فارس كريه الوجه إلى اقتلاع سنا ذهبية  من فم جثة بعد أن صحح وضعها   

               

                 جثة أخرى تطفو على سطح مياه آسنة وقد انكفأت على قفاها وفي أحدى قدميها حذاء صنع يدويا من الكاوتشوك ،في حين بدا المكان مغشى بالضباب وأرضه  مغطاة ببساط اصطناعي من شظايا الجثث وكرات سوداء  .

           احتبست أنفاسه من هول ما رأى إذ لم تسلم أشجار الصنوبر التي تطايرت أغصانها و انغرست في جذوعها بقايا جثث وآثار النصال .

            

                تراكض الأطفال من كل أرجاء المكان والتصقوا في حضنه، فرك انفه ليحاول التميز بين ما راوده من أفكار سوداء وما حدث في مكان قريب قطع شلال الرؤايا.فقد تهيأ لزوجته انه  مستريح فتركته  لسلطان النوم قبل أن يندفع الأولاد إلى حضنه .... . سكبت زوجته إناء الماء على النار وجمعت الإغراض وخاطبته قائله:

 

-هيا بنا إلى البيت فهذا المكان غير آمن.

 

 

 

محمود ابو اسعد

فلسطين       

 

آخر الليل

آخر الليل

       دلف الجنود الى المقبرة في الهزيع الاخير من الليل بجثتين ، كان أولها جسد نحيل ، ممتد كأفق الغروب السرمدي  ، والجثة الاخرى ،جسد مقدد انكمش كطفل ، انها اختلاط الحلم بالدم في ملحمة الشهادة بعد ان تحولا الى قنبلتين بشريتين أريد   لهما أن يدفنا سرا بدون مراسم تليق بعظيم ، انه الموت والميلاد .

       عندها امتلاءت عيوني بالأصيل وقد كست دماء تلك الجثتين أفق الفجيعة ، كأن السيف أضاء ببرقه ديمومة الاحزان ، وهذه اللحظات حبلى بأحلام الترجل وجراح الفرسان .

 

 

لحظة مجد

     سار بين الجموع كما يسير النهر في مجرى ، ضياء انه طفل الجراح البكر في شهره الرابع ، وقد توج فؤاده في ساحة الانشاد ، يسبح بلاده شعرا ونثرا ، وجد العاشقين الكاظمين ، تهادى كالفراش يشبع شعرا نهم سادة القوم في لحظة مجد .

 

 

محمود ابو اسعد

فلسطين