الكتاب القديم
جلس في بهو المنزل ممدا جسده الضخم على الفراش، تناول الفنجان وسكب قليلا من القهوة ، ارتشفها مصدرا صوتا كقعقعة الماء في جرة نرجيلة ،في حركة تنم عن الارتياح .
جاء إليه صوت فاطمة من الخارج معلنا وصول ضيوف إلى المنزل ، اعتدل في الجلسة وعلا صوته مرحبا بالقادمين .
جلس الرجال وتداولوا الحديث فيما بينهم ، تحركت في أيديهم قطع نقدية قديمة ،تراكمت عليها الأتربة ، وعلق بها الصدأ مما غير في معالمها .
نادى ابو نايف على الحاجة فاطمة لتحضر له الكتاب القديم ذو الجلد الأخضر من الرف ، تبادل الضيوف النظرات ، قلب ابو نايف الكتاب ممعنا النظر فيه وصاح من جديد :
- هذا ليس الكتاب القديم يا أم نايف .
جاء صوت ام نايف على استحياء من الخارج :
- لا يوجد غيره في الرف يا ابو نايف .
أجابت بتودد.
- ابحثي عنه جيدا فهذا الذي جلبته ليس سوى كتاب قرآن ، أنا اعرفة جيدا يا امرأة بالرغم إنني لا أجيد القراءة ، فالكتاب القديم يحتوي على رسوم المسكوكات الأثرية .
أجابه أحد الضيوف:
- والله يا ابو نايف لو بقيت على هذا الكتاب خير لك وأبقى من الكتاب القديم .
أجابه ابو نايف :
- الكتاب القديم يا رجل سبب رزقي وسعة حالي .
في تلك الأثناء سمع صرير الدواليب وحركة الأدراج في الغرفة المجاورة .
صوت فاطمة يخاطب ابو نايف بتودد بعد ان أنهكها البحث بلا فائدة :
- يا ابو نايف لقد بحثت عنه في كل أرجاء البيت ولم أجد له أثرا .
تبادل الضيوف النظرات من جديد ، عندما هم أبو نايف للبحث عن الكتاب الأخضر القديم وهمس أحدهم للأخر :
- لقد انطلت حيلتك عليه يا رجل ، فهذا العجوز الخرف لا يعرف من الكتاب غير جلده ،وأنت نجحت في تبديله في المرة الماضية بالمصحف ذو الجلد الأخضر .
على صوت ابو نايف بالسباب والشتائم على كل شيء ، فهذه الصفقة سوف تذب سدى بسبب ضياع الكتاب .
هم الرجال مستأذنين بالانصراف وأبو نايف يحاول جاهدا إقناعهم بالمكوث ريثما يجد الكتاب.
تمــــــت
محمود ابو اسعد
فلسطين